الأحد، 18 أغسطس 2019

كن قويا .. ولا تمض في حياتك بدون درع وسيف

لو تأملت في الحياة وكيف تمضي بنا وبتركيز ، ستجد أن نسير في حياتنا على حافة الخطر ، والكوارث تحيط بنا دائما كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة والأمثلة على ذلك كثير ولا حصر لها ، وسأذكر بعضا منها:
في عام 1992 كنا وأسرتي نتناول الغداء وكنا نشاهد فيلما أجنبيا بالتليفزيون ، ونتبادل الحديث ونخطط فيما سيفعله كل منا بعد الغداء وكيف سيقضي أمسية ذلك اليوم ، وفجأة .. وبدون أي توقع نجد المسكن يهتز بشدة والثريات بالأسقف تتأرجح والمكتبات والأرفف حولنا تتساقط بينما قمنا نجري بلا هدف ، وصحت فيهم أن يقفوا بجانب الأعمدة أو يختفوا تحت الطاولات ، وعلا صراخ الأطفال وبكاؤهم ، بينما أرتفعت الأصوات تدعو الله الرحمة والمغفرة وأن يرفع عنا القضاء ويحمينا من هذه الكارثة ، وسمعنا بالخارج صراخ الناس وتساقط الشرفات والأسقف والأبنية ، وكان أقوى وأسوأ زلزال تشهده القاهرة خلال أواخر القرن العشرين ، ومضت حوالي دقيقة وكأنها دهر. وتوقف كل شئ بعد أن تحول مسكننا إلى ساحة ممتلئة بحطام الأثاث وما تناثر من دهانات وقشور الحوائط والأسقف وبعض التشرخات البسيطة في الحوائط ، وخلال أقل من دقيقة تغيرت خططنا بالكامل.
في عام 1999 تحطمت طائرة مصر للطيران القادمة من نيويورك بعد إقلاعها بساعة ، وفي عام 2016 سقطت الطائرة القادمة من باريس إلى القاهرة ، وغيرها من الحوادث ، وكان الركاب عند ركوبهم الطائرة يفكرون فيمن سيستقبلهم بمطار الوصول وفرحة اللقاء وغيرها من الخطط والاحلام التي تلاشت في ثواني.
ومن الحوادث التي تثبت بأننا نعيش على حافة الخطر ، وبدون تفاصيل ، كان هناك رجلا عائدا من عمله حاملا الفاكهة إلى أولاده وزوجته مفكرا في فترة الغداء العائلي والراحة بعدها ثم الخروج مساء للقاء الأصدقاء ، وبينما هو سائر على الرصيف يسقط جهاز تكييف ضخم فوق رأسه فيحطمه وتختلط الدماء بالفاكهة المبعثرة.
لا أريد أن أثير غثيانكم أو خوفكم ، ولكن لألفت انتباهكم إلى ضرورة الاهتمام بجدية بأن يكون لديك درع وسيف ، الدرع يحميك ويصد عنك أي بلاء والسيف يدفع عنك الشر ويحميك من الخوف.
الدرع يكمن في الالتزام بالصلاة والتقرب إلى الله وهو مركز الدرع ، فالإيمان الحقيقي هو درع صلب يصد عنك كل تلك الكوارث ، كما أنه يمنحك الإطمئنان الكامل ، والدعاء المستمر والابتهال هو باقي الدرع ، أما التسابيح والصلاة على رسول الله والاستغفار فهم سيفك ، ولأحكي لكم بعضا مما مررت به من مواقف حقيقية وكيف صدت أسلحتي أسوأ ما كان يمكن أن يحدث .
كنت أستعد للسفر واديت صلاة العشاء بالمسجد (ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل) ، واديت صلاة الفجر (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي وأيضا فكأنما قام الليل كله) وتوجهت إلى المطار متوكلا على الله وقبل أن أخطو داخل الطائرة قرأت آية الكرسي ودعوت قائلا (اللهم إني قد أستودعتك نفسي بين يديك سبحانك حيث لا تضيع الأمانات) ، وأقلعت الطائرة من إحدى المدن الأوربية في رحلة تستغرق حوالي ست ساعات وكان الجو ملبدا بالغيوم والثلوج ، وما أن أصبحنا على ارتفاع 30 ألف قدم حتى بدأت الطائرة تهتز بعنف ، والبرق والرعد حولنا وطلب قائد الطائرة ربط الأحزمة بشكل دائم ، وتوقفت المضيفات عن تقديم الخدمة وجلست كل منهن على مقعدها ، معنى ذلك أن الوضع لم يعد آمنا ، ولم أكن قلقا أو خائفا فقد أودعت نفسي بين يدي الله سبحانه أمانه وما بين يديه لا يضيع ، وبدأت في قراءة ما تيسر من القرآن ، بينما أصفرت وجوه الركاب وبعضهم أصيب بأزمات مختلفة ، حتى استوت الطائرة وبدأت أشعة الشمس في الظهور ، فتذكرت الآية الكريمة من سورة يونس :
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَارِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَامِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٢٢﴾
المواقف والأمثلة كثيرة ، ولكنني أحكي لكم بعضها بصدق ، لتشعروا بأهمية أن يكون لكم درعا وسيف ، ذات يوم كنت بإحدى الدول ومررت بظروف قاسية حتى أنه لم يكن هناك أي طعام بالبيت ، كما لم أسدد إيجار البيت لمدة شهرين وأصبحت على مشارف الشهر الثالث ، ولأننا في بلد غريب عنا ، فلا نعرف أحدا قريبا يمكن أن نلجأ إليه ، استعنت بالله وغادرت المنزل صباحا ولم يكن معي سوى ما يوصلني إلى جهتي المقصودة ولا أعرف كيف سأعود ، حيث أنني سأذهب إلى شخص ما يتميز بالبخل ، ولم أكن واثقا مما إذا كان سيمنحني دعما ولو على سبيل دفعة مقدمة لأعمالي القادمة لانه لا يعرف شيئا اسمه قرض ، وللأسف .. كان ما معي لا يغطي تكلفة وصولي للمكان ، وسأكمل ما تبقى من الطريق سيرا على الأقدام ، ووصلت إلى نقطة بدأ السير ومضيت أذكر الله قائلا (لا حول ولا قوة إلا بالله) حتى وصلت إلى المائة ، وبعدها قلت (اللهم صل على محمد وآله وصحابته وأتباعه أجمعين) ، كنت أسير مثقلا ونظري متوجها إلى الأرض أحيانا ، وفجاة .. وبدون توقع مني أجد أمامي على الأرض ورقة مالية من أعلى فئة تصدر في هذا البلد ، جديدة تماما وكأنها خرجت حديثا من البنك ، فانحنيت -غيرا مصدقا- لألتقطها بينما كانت نسمة خفيفة من الهواء تحركها برقة ، وإذا بي اجد عددا من نفس الأوراق قد تناثرت هنا وهناك ، بالتأكيد ستقولون أنها أساطير ولكنني أؤكد لكم أن هذا ما حدث ، وجمعت الأوراق والتي كانت أكثر من عشر ورقات ، ووقفت ناظرا حولي باحثا عمن سقطت منه هذه النقود ، فلم أجد احدا ، فالمنطقة محاطة بالأشجار وبعض البنايات البعيدة ، وهناك على البعد الطريق السريع ، لم افكر في كيفية ما حدث ، وتساءلت : هل أكمل طريقي إلى هدفي أم أعود إلى منزلي وأقوم بحل تلك المشاكل هناك ؟ وقررت أن امضي قدما ، وبالفعل ذهبت إلى هذا الرجل وكما توقعت تماما مد يده بعملة بسيطة على مضض وكأنها يمنحها لمتسول ، فتركتها له وأخبرته أن عملي القادم ستكون أتعابه أضعاف ما يتوقع ، وغادرت مكتبه إلى السوق وأنا لا أتوقف عن الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى الذي لم يذلني لأحد ، حيث قمت بشراء تموين شهر كامل للبيت وأخذت تاكسي عائدا وسددت الإيجار والديون ، ولم أحك لأي أحد ما حدث (إلا الآن) فإن ما يمنحك الله من خير استره من شر حاسد إذا حسد .
لا أريد أن اطيل عليكم ولكنني في نهاية الأمر أخبركم بانه من المهم جدا أن يكون لك درعك يحميك طوال الوقت وسيفا يقيك الخوف والقلق من المجهول ، ولا تحمل هم ما لم تمر به بعد أو تحمل هم أوهام تتوقعها على البعد ، والله سبحانه يفعل ما يشاء.

هناك تعليق واحد:

كن قويا .. ولا تمض في حياتك بدون درع وسيف

لو تأملت في الحياة وكيف تمضي بنا وبتركيز ، ستجد أن نسير في حياتنا على حافة الخطر ، والكوارث تحيط بنا دائما كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في ...