الأحد، 18 أغسطس 2019

كن قويا .. ولا تمض في حياتك بدون درع وسيف

لو تأملت في الحياة وكيف تمضي بنا وبتركيز ، ستجد أن نسير في حياتنا على حافة الخطر ، والكوارث تحيط بنا دائما كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة والأمثلة على ذلك كثير ولا حصر لها ، وسأذكر بعضا منها:
في عام 1992 كنا وأسرتي نتناول الغداء وكنا نشاهد فيلما أجنبيا بالتليفزيون ، ونتبادل الحديث ونخطط فيما سيفعله كل منا بعد الغداء وكيف سيقضي أمسية ذلك اليوم ، وفجأة .. وبدون أي توقع نجد المسكن يهتز بشدة والثريات بالأسقف تتأرجح والمكتبات والأرفف حولنا تتساقط بينما قمنا نجري بلا هدف ، وصحت فيهم أن يقفوا بجانب الأعمدة أو يختفوا تحت الطاولات ، وعلا صراخ الأطفال وبكاؤهم ، بينما أرتفعت الأصوات تدعو الله الرحمة والمغفرة وأن يرفع عنا القضاء ويحمينا من هذه الكارثة ، وسمعنا بالخارج صراخ الناس وتساقط الشرفات والأسقف والأبنية ، وكان أقوى وأسوأ زلزال تشهده القاهرة خلال أواخر القرن العشرين ، ومضت حوالي دقيقة وكأنها دهر. وتوقف كل شئ بعد أن تحول مسكننا إلى ساحة ممتلئة بحطام الأثاث وما تناثر من دهانات وقشور الحوائط والأسقف وبعض التشرخات البسيطة في الحوائط ، وخلال أقل من دقيقة تغيرت خططنا بالكامل.
في عام 1999 تحطمت طائرة مصر للطيران القادمة من نيويورك بعد إقلاعها بساعة ، وفي عام 2016 سقطت الطائرة القادمة من باريس إلى القاهرة ، وغيرها من الحوادث ، وكان الركاب عند ركوبهم الطائرة يفكرون فيمن سيستقبلهم بمطار الوصول وفرحة اللقاء وغيرها من الخطط والاحلام التي تلاشت في ثواني.
ومن الحوادث التي تثبت بأننا نعيش على حافة الخطر ، وبدون تفاصيل ، كان هناك رجلا عائدا من عمله حاملا الفاكهة إلى أولاده وزوجته مفكرا في فترة الغداء العائلي والراحة بعدها ثم الخروج مساء للقاء الأصدقاء ، وبينما هو سائر على الرصيف يسقط جهاز تكييف ضخم فوق رأسه فيحطمه وتختلط الدماء بالفاكهة المبعثرة.
لا أريد أن أثير غثيانكم أو خوفكم ، ولكن لألفت انتباهكم إلى ضرورة الاهتمام بجدية بأن يكون لديك درع وسيف ، الدرع يحميك ويصد عنك أي بلاء والسيف يدفع عنك الشر ويحميك من الخوف.
الدرع يكمن في الالتزام بالصلاة والتقرب إلى الله وهو مركز الدرع ، فالإيمان الحقيقي هو درع صلب يصد عنك كل تلك الكوارث ، كما أنه يمنحك الإطمئنان الكامل ، والدعاء المستمر والابتهال هو باقي الدرع ، أما التسابيح والصلاة على رسول الله والاستغفار فهم سيفك ، ولأحكي لكم بعضا مما مررت به من مواقف حقيقية وكيف صدت أسلحتي أسوأ ما كان يمكن أن يحدث .
كنت أستعد للسفر واديت صلاة العشاء بالمسجد (ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل) ، واديت صلاة الفجر (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي وأيضا فكأنما قام الليل كله) وتوجهت إلى المطار متوكلا على الله وقبل أن أخطو داخل الطائرة قرأت آية الكرسي ودعوت قائلا (اللهم إني قد أستودعتك نفسي بين يديك سبحانك حيث لا تضيع الأمانات) ، وأقلعت الطائرة من إحدى المدن الأوربية في رحلة تستغرق حوالي ست ساعات وكان الجو ملبدا بالغيوم والثلوج ، وما أن أصبحنا على ارتفاع 30 ألف قدم حتى بدأت الطائرة تهتز بعنف ، والبرق والرعد حولنا وطلب قائد الطائرة ربط الأحزمة بشكل دائم ، وتوقفت المضيفات عن تقديم الخدمة وجلست كل منهن على مقعدها ، معنى ذلك أن الوضع لم يعد آمنا ، ولم أكن قلقا أو خائفا فقد أودعت نفسي بين يدي الله سبحانه أمانه وما بين يديه لا يضيع ، وبدأت في قراءة ما تيسر من القرآن ، بينما أصفرت وجوه الركاب وبعضهم أصيب بأزمات مختلفة ، حتى استوت الطائرة وبدأت أشعة الشمس في الظهور ، فتذكرت الآية الكريمة من سورة يونس :
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَارِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَامِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٢٢﴾
المواقف والأمثلة كثيرة ، ولكنني أحكي لكم بعضها بصدق ، لتشعروا بأهمية أن يكون لكم درعا وسيف ، ذات يوم كنت بإحدى الدول ومررت بظروف قاسية حتى أنه لم يكن هناك أي طعام بالبيت ، كما لم أسدد إيجار البيت لمدة شهرين وأصبحت على مشارف الشهر الثالث ، ولأننا في بلد غريب عنا ، فلا نعرف أحدا قريبا يمكن أن نلجأ إليه ، استعنت بالله وغادرت المنزل صباحا ولم يكن معي سوى ما يوصلني إلى جهتي المقصودة ولا أعرف كيف سأعود ، حيث أنني سأذهب إلى شخص ما يتميز بالبخل ، ولم أكن واثقا مما إذا كان سيمنحني دعما ولو على سبيل دفعة مقدمة لأعمالي القادمة لانه لا يعرف شيئا اسمه قرض ، وللأسف .. كان ما معي لا يغطي تكلفة وصولي للمكان ، وسأكمل ما تبقى من الطريق سيرا على الأقدام ، ووصلت إلى نقطة بدأ السير ومضيت أذكر الله قائلا (لا حول ولا قوة إلا بالله) حتى وصلت إلى المائة ، وبعدها قلت (اللهم صل على محمد وآله وصحابته وأتباعه أجمعين) ، كنت أسير مثقلا ونظري متوجها إلى الأرض أحيانا ، وفجاة .. وبدون توقع مني أجد أمامي على الأرض ورقة مالية من أعلى فئة تصدر في هذا البلد ، جديدة تماما وكأنها خرجت حديثا من البنك ، فانحنيت -غيرا مصدقا- لألتقطها بينما كانت نسمة خفيفة من الهواء تحركها برقة ، وإذا بي اجد عددا من نفس الأوراق قد تناثرت هنا وهناك ، بالتأكيد ستقولون أنها أساطير ولكنني أؤكد لكم أن هذا ما حدث ، وجمعت الأوراق والتي كانت أكثر من عشر ورقات ، ووقفت ناظرا حولي باحثا عمن سقطت منه هذه النقود ، فلم أجد احدا ، فالمنطقة محاطة بالأشجار وبعض البنايات البعيدة ، وهناك على البعد الطريق السريع ، لم افكر في كيفية ما حدث ، وتساءلت : هل أكمل طريقي إلى هدفي أم أعود إلى منزلي وأقوم بحل تلك المشاكل هناك ؟ وقررت أن امضي قدما ، وبالفعل ذهبت إلى هذا الرجل وكما توقعت تماما مد يده بعملة بسيطة على مضض وكأنها يمنحها لمتسول ، فتركتها له وأخبرته أن عملي القادم ستكون أتعابه أضعاف ما يتوقع ، وغادرت مكتبه إلى السوق وأنا لا أتوقف عن الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى الذي لم يذلني لأحد ، حيث قمت بشراء تموين شهر كامل للبيت وأخذت تاكسي عائدا وسددت الإيجار والديون ، ولم أحك لأي أحد ما حدث (إلا الآن) فإن ما يمنحك الله من خير استره من شر حاسد إذا حسد .
لا أريد أن اطيل عليكم ولكنني في نهاية الأمر أخبركم بانه من المهم جدا أن يكون لك درعك يحميك طوال الوقت وسيفا يقيك الخوف والقلق من المجهول ، ولا تحمل هم ما لم تمر به بعد أو تحمل هم أوهام تتوقعها على البعد ، والله سبحانه يفعل ما يشاء.

الأربعاء، 7 أغسطس 2019

الحب ... لمن لا يعرف

تساءل - ولا زال - الجميع عن معنى الحب ومفهومه ، وإن كان فعلا يحب أو يتوهم ذلك .. ، ويختلف الناس في ثقافاتهم وتكوينهم النفسي والفكري في الحوار وتبادل الرأي بعقلانية حول هذا الموضوع ، فهناك المتدينون الذين يرفضون الكلام عن الحب كعلاقة بين شخصين وإنما الحب لله وللأنبياء ، وهناك من يقول ان الحب لهو ولا وجود له أو أنه وهم يعيش فيه الناس بمخيلتهم ومشاعرهم ، وآراء كثيرة لم يجتمع عليها رأي واحد واضح ، وإن كان ما بالداخل خلاف ما هو بالظاهر وما يرد على اللسان .
الحب في الإسلام : وردت كلمة (الحب) وتصريفاتها كإثبات ونفي وأمر وغيرها في القرآن الكريم 76 مرة ، في آيات مختلفة ، وأشارت إلى حب الله والرسول وأهله وذوي القربى والشهوات والنساء والبنين والأموال والخيل والأنعام والحرث وغيرها كثير.  أما في الحديث النبوي فقد ورد أفضل بحث في ذلك للكاتب / أبو عبد الرحمن مصلح بن زويد العتيبي في كتابه (أحاديث في الحب) حيث صنف الأحاديث التي وردت فيها كلمة (الحب) ودلالتها إلى أربعة أقسام : الأول (في حب الله) وشملت 34 حديثا ، والثاني (حب النبي صلى الله عليه وسلم) وبه 46 حديثا ، والثالث ( حب الصحابة رضي الله عنهم) وفيه 11 حديثا ، والرابع (متفرقات في الحب) وفيه 23 حديثا.
الحب في المسيحية : تعتبر كلمة (الحب) من الكلمات المقدسة ، وكما جاء بالكتاب المقدس في إنجيل يوحنا (من لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة) ، وقد وضحه تفصيلا وصنفه إلى : حب الإيروس (الحب الطفولي أو الأناني الشهواني) ، وحب الفيليا (الحب الإنساني أو الرومانسي) ، والحب الأغابي (الإلهي المسيحي).
والكلام عن (الحب) في الأديان السماوية والأرضية والمعتقدات والفلسفات يحتاج إلى مراجع وموسوعات يضيق بها المجال.
الحب في اللغة : (كما جاء في المراجع) الحبّ: نقيض البغض، والحبّ: الوداد والمحبّة والحُباب بالضمّ: الحبّ، والحُباب أيضاً المحبّة. والحِبً: بالكسر، الحبيب، وجمع الحبّ بالكسر: أحباب، وحبّان، وحبوب، وحبّبه، محرّكة. وحبّه يحبّه، بالكسر، فهو محبوب، وأحبّه فهو محبّ، بالكسر، وهو محبوب على غير قياس، هذا الأكثر، وقد قيل محبّ على القياس، وهو قليل.
الحب كاصطلاح : مفهوم الحبّ في الاصطلاح قبل أن نتعرّف على تعريفات العلماء للحبّ اصطلاحاً تجدر الإشارة إلى عجزهم عن تعريف هذا المصطلح وإدراك حقيقته.
تعريف الحب: الحُبّ هو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد يُنظر للحبّ على أنّه كيمياء متبادلة بين اثنين، ومن المعروف أنّ الجسم يفرز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون المحبّين أثناء اللقاء بينهم. وكثيرا ما يشبّهون الحبّ بالدّاء أو العِلّة، أمّا مصطلح الغرام فهو يعني حرفيّاً، التَعلُّق بالشّيء تَعلُّقاً لا يُستطاع التَخلّص منه، ويعني أيضاً العذاب الدّائم الملازم. والمغرم هو المولع بالشّيء لا يصبر على مفارقته، وأُغرم بالشيء، أي أولع به، فهو مُغرم.
والحب أنواع ودرجات ، فهناك الحب العذري والشهواني والمثالي والعقلي والحب الخالص المجرد ، وللحب أسماء ودرجات وخصائص جاءت في لغة العرب واختلط الأمر وتداخلت المعاني خصوصا لدى من لا يقرأ ، نذكر منها : الحب – المحبة – الهوى – الصبوة – الشغف – الوجد – العشق – النجوى – الشوق – الوصب – الاستكانة – الود – الخلة (بضم الخاء وتشديد اللام ) – الغرام – الهيام .
بعد كل ما تقدم بالتعريف من كافة النواحي ، وهو بمثابة عناوين رئيسية لمواضيع ضخمة تفتح باب البحث والتقصي التحليلي لمن يرغب ، أقول بأن (الحب) هو إحساس وسلوك إنساني لا إرادي – يمكن التحكم في مظهره ولا يمكن التحكم في تأثيره – لأنه تفاعل بيولوجي كيميائي عصبي ويصل إلى العقل كمركز تجميع لا يمكنه رفض استقبال المعلومات وإن كان بإمكانه التحكم في رد الفعل على المستوى الشخصي والإجتماعي طبقا للضوابط التي تحيط بصاحبها .
وحياتنا ممتلئة بالحب والبغض ، القبول والرفض ، هناك الحب المفروض والذي ليس لك فيه خيار ، وهو حب العشرة (بكسر العين) والملازمة ، مثل حب الأهل الذين نقيم معهم بشكل دائم ، وتتوقف درجة الحب على المعاملة والتقارب ، فتزداد مع المعاملة الطيبة والحنان والاحترام والمشاركة والرعاية وطول مدة المصاحبة ، ويمكن أن تقل تلك الدرجة نسبيا عند سوء المعاملة أو فترات الابتعاد الطويلة ، وتتبقى درجة من الحب كامنة في العمق لأسباب الارتباط الوراثية والجينية.
يليها (حب الاختيار) وهو حب الأصدقاء والجيران الذين أقوم باختيارهم والمفاضلة بينهم والقرب كثيرا من البعض ، وتحديد مسافة التقارب مع آخرين ، او التحييد والإهمال ونسيانهم (وحاليا سنجد منهم كثير) ، وينطبق الأمر على الارتباط بالزواج بشخص آخر تتوفر فيه الشروط المقبولة عقليا واجتماعيا ويترك للمعاشرة والصحبة والمعاملة وزمن التقارب تحديد درجة الحب .
ومن خلال ذلك يكون الحب هو الحاجة الدائمة لوجود هؤلاء الناس في حياتنا ، وإحساسنا بالراحة لوجودهم معنا ، ومنهم من نرى شخصيتنا وأنفسنا وتفكيرنا من خلالهم ، وكل منهم له وقته ودوره ، .... على سبيل المثال ، هناك من أحتاج إلى وجوده في لحظات معينة ، وليس لوقت طويل ، وتأتي أوقات لا نحتاج فيها إلى أحد إلا أن ننفرد بأنفسنا. وهذا الحب تختلط فيه المشاعر والأحاسيس والعقل بدرجات متفاوتة ، ولكن .... هناك منطقة داخلية في العمق تظل خالية لمشاعر خاصة ، ولا يصل إليها إلا شخص واحد فقط ... والتي نعبر عنها ب(الحب ) الذي يتناوله الشعراء والأدباء والفنانون في كافة أعمالهم ، وهي علاقة الارتباط بين الذكر والأنثى ، وهذه المشاعر أو هذه العاطفة الخاصة موجودة ولا يمكن إنكارها ، حتى ولو انكرها الكثيرون باللسان ، ولكن في داخلهم يؤمنون بذلك ، إنها تلك المشاعر التي تفرض نفسها وتبدأ من الداخل لتصل إلى العقل لتشركه رغما عنه ، ومن تقول أو يقول (ليس وقته الآن ... لم أفكر في ذلك بعد ... هذا الموضوع بعيد عن ذهني تماما .... إلخ) فكلهم – مع اعتذاري – مدعون ، إنها التفاعل اللاإرادي الذي إن حدث لا يمكن لشئ أن يوقفه ، لأنه يشمل كل الحواس مجتمعة ، ويكون الطرف الآخر قد أمكنه أن يستحوذ على أدوار كافة الناس في حياتنا ، وبقدر ما حرك كافة الحواس والمشاعر ، فإنه يشغل العقل ويحتل مساحة كبيرة من حياتنا ويكون الإحتياج إليه أكبر ، والمناسبات أكثر ، ولذلك ... فإن انسحب أحدهم من حياة الآخر (والأسباب كثيرة لذلك) فإن الطعنة تكون أعمق والجرح أكبر.
أرجو أن أكون قد قدمت بضع قطرات من سيل ضخم .

داخلنا ... بئر الأسرار .. بين الكبت والإنفجار

بداخل كل منا بئر عميق تختزن فيه كل ما ترغب في إخفائه حتى عن نفسك ، وتعمل جاهدا على أن يظل غطائه محكما ، وإذا ما فكرت يوما في أن تفتحه ولو للحظة أو أن تخرج منه شيئا ، تشعر بالرعب ولا تقترب منه ، ...... فلنتعرف معا على هذا البئر ولنفكر معا ، هل هناك ضرورة لأن نفتحه يوما ما ، ... هل سنضطر يوما إلى ذلك ؟ ... أم أن حفاظنا عليه مغلقا – وبالرغم ما سيسببه لنا من ضيق وألم – هو ضرورة ملزمة لنا رغم أنوفنا ؟ ... هذا البئر كقلب المفاعل الذري ، يجب التعامل معه بإحتراس ، والحفاظ دائما على أن يبقى مستقرا ، وفي حالة سكون وثبات وبلا أي تفاعلات ، لأنه لو انفجر سيدمرنا ويدمر من حولنا ، فهذا البئر نلقي فيه بكل ما يثقل كاهلنا ونفوسنا ولا نفكر إطلاقا في أن نشرك أقرب الناس إلينا فيه وفيما يحويه ، والأمثلة على ذلك كثيرة – وهي لاتتعلق بالكاتب – مثال على ذلك ، أخاك الأكبر الذي تحبه وهو أقرب الناس إليك ورفيق عمرك يقع في حب فتاة كنت تتمناها ويرتبط بها ويصل الأمر للزواج ، أو أن يرتبط بفتاة تمقتها ولا تتقبلها .. بل يصل بك الأمر إلى تخيل التخلص منها ، وبالتالي .. لا يمكنك أن تصرح بما في داخلك ، وتحمل تلك المشاعر والأفكار لتلقي بها في البئر ، .. وأخرى فُرض عليها الزواج من شخص كانت تعتقد أن العِـشرة ستولد الحب بينهما ، فإذا به أسوأ شخص يمكن أن تلتقيه بحياتها ، ولكن من أجل حماية لأولادها فإنها تضحي بأحلامها وطموحاتها وأملها في حياة هادئة مستقرة وتتحمل أعباء وتصرفات قد لا يتحملها شخص آخر ، وقد ترى من شريك حياتها الذي فرض عليها ، عيوبا تخجل من أن تفصح بها لأهلها أو لصديقاتها ، أو أن يكون سلوكه المشين يمكن أن يشوه صورته كأب يأخذه الأولاد مثالا يحتذى به ... إذا ما رأته صدفة جالسا إلى شبكة الانترنت يغازل الفتيات بشكل مهين أو يدمن أشياء مرفوضة أخلاقيا واجتماعيا .
وهذا آخر .. رأي رئيسه في العمل ، الذي يحترمه ويعتبره قدوة رائعة ومثالية في الإدارة والأداء ... يراه بالصدفة في مشهد مثير مع إحدى العاملات ، ويشعر بهذا الصرح الفخم الضخم الذي صنعه له يتفتت ويتهشم ، ولكنه يحفظ السر ويحاول أن يطمسه من ذاكرته ... ويفتح البئر ويلقي فيه بهذا الحمل الثقيل ... وهكذا، كم من أحمال نلقي بها في هذا البئر ولا نستطيع أن نفتحه ، ولا نريد له أن ينفجر .... ونادرا ما نجد الضعيف من الناس يصعب عليه التحكم في بئره فينفجر ، ويدمر نفسه وكل من حوله .... حتى أن بعض جرحاه يطلقون عليه لقب (مجنون). فلنترك هذا البئر مغلقا دائما ولا يفتح للخارج ، بل يفتح للداخل ليتلقى مزيدا من مخزوننا الذي نريد أن نتخلص منه بالحفظ في مكان بعيد ، لأن الذاكرة لن تستطيع التخلص منه للأبد ، ولكننا نطبق قانون الإهمال والإستعمال - الذي وضعه لامارك في علم التطور - حيث أنه بالإهمال المتعمد يمكن أن يضمر وينزوي ، ونتحاشي استعماله حفاظا لنا وعلى علاقتنا بالآخرين ... فنحن بشر.

الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

إلى كل فتاة وإمرأة .. قلبك محطم ؟ يائسة ؟ محبطة ؟ .... فلنعالج ذلك

أنتي الآن تشعرين بحزين جارف ، ولا رغبة لكِ في التحدث إلى أي أحد ، أو تشعرين بأنك قلبكِ محطم تماما ، بل من الممكن أن يكون منسحقا ، أو أن الإحباط يملؤكِ واليأس أيضا لدرجة أنك تشعرين بمرارة في فمك ، وتعانين من كثير من المشاعر الفياضة غير الإيجابية والتي من الممكن أن تتسبب في إتخاذ قرارات غالبا ما تكون متسرعة وخاطئة ، وربما قد تؤدي إلى أحداث كارثية ، بالرغم من أنكِ لو تحملتي وصبرتي قليلا يكون عقلك قد استطاع تجاوز الحاجز الضخم الذي أقامته الأحاسيس والمشاعر السلبية والتي منعته من مزاولة نشاطه ، والآن .. فلنتعاون معا ، سأضع عقلي ليعمل مع مشاعرك وحالتك النفسية ، كالمريض الذي لا يقوى على التنفس فيضعون له جهاز تنفس اصطناعي حتى يتجاوز أزمته الصحية ، أو المريض الذي توقف قلبه فيتم تركيب قلب صناعي لينظم حركة الدم حتى يعود قلبه لوظيفته الطبيعية ، وفي حالتكِ فإن عقلك توقف خلف فيض أحاسيسك ، ولكن عقلي سيعمل بدلا منه حتى يعود عقلك إلى وظائفه الطبيعية.
(سنتناول بعض الحالات الشائعة كنماذج عامة ، وعلى الحالات المختلفة كتابة مشكلتها أو ما تعانيه إن كانت ترغب في مشاركة كل الصديقات والأصدقاء الزائرين للصفحة ، وإن كانت حساسة وشخصية جدا وتحتاج إلى رأي خاص فيمكنها الكتابة إلى الإيميل invest.thefuture@yahoo.com)

فلأجلس معكِ وبالورقة والقلم واستمع إليكِ جيدا ، وفيما يلي بعض أهم ما سمعت من بعض الفتيات والنساء:
لقد هجرني وحطم قلبي ،.. لقد ارتبط بأعز صديقاتي وخانني معها ، ... يقول عني أنني لست جميلة ، ... إنني لن أستطيع أن أعيش بدونه ، إنه حياتي كلها ، والهواء الذي اتنفسه ، إن هجرانه قد دمرني ودمر حياتي ، .. إنني مستعدة أن أغفر له كل شئ أو أتوسل إليه وأن أكون عبدته ، على ان يعود لي مرة أخرى ، .. أنا بدونه لا أسوى شيئا ، إنني أبكي ليلا ونهارا .

إن الحب أو الارتباط بأي شكل كلما مر عليه الزمن يصير أقوى وأصلب يوما بعد يوم ، وبالتالي يكون تحطمه أعنف من علاقة عابرة أو ارتباط قصير المدى ، فالأخير بندمل سريعا ولا يكون له أثر ، أما ذلك الذي رسخ وامتدت جذوره إلى عمق النفس واستحوذ على العقل على مر السنين ، يكون تأثر الانفصال والهجران قويا لدرجة تسحق القلب والمشاعر بالفعل ، ولكن ... إذا ما تعرض الإنسان للخطر فإنه - تلقائيا - يبحث عن أية وسيلة لإنقاذ نفسه من الهلاك ، ولا يستسلم أبدا لأن يتم القضاء عليه وتدميره ، فلنبحث الآن عن وسيلة مقنعة للإنقاذ والعودة إلى الحياة مرة أخرى بشخصية اقوى وأقدر على تحمل الصدمات ، ويكون ذلك في البداية بالدخول إلى النفس ذاتها والتي سنجدها هشة وضعيفة ومتشرخة ومستسلمة ، بالتأكيد سنرثو لها حالها ، ولنسأل في البداية : إلى أي مدى أحب هذه الإنسانة - التي هي أنتِ - التي لم التفت إليها وافكر فيها من قبل ؟ ، وستصدمك حقيقة أنكِ لم تلتفتي إليها من قبل وتهتمي بها إلا من أجل الآخرين ، ويجب أن تكون إجابتك صريحة ، هل بالفعل تحبين نفسك وتشفقين عليها ، أم أنك في حاجة ماسة إلى عمل مصالحة مع نفسك ومنحها حبك الذي تستحقه ؟ ، هذه الخطوة الأولى ، أن تتمكني من منح الحب لنفسك الذي سلبتيه منها وأعطيته لآخر الذي لم يقدر ثمنه وتكلفته ، وعندما تشعرين بانك بدأتِ في حب هذه الإنسانة الطيبة الحنونة العاطفية وتشعرين بانكِ تشفقين عليها ، تأتي الخطوة التالية : تلك الفتاة أو المرأة - التي هي أنتِ - هل لديها كرامة ؟ ولنفترض مثلا - إن لم يكن لديك ابن أو ابنة بعد - أن لديكِ طفلا ، واراد شخص ما أن يصفعه أو يهينه ، فإنكِ على الفور تتحولين إلى وحش كاسر يدمر هذا الشخص وكل ما حوله ، فما بالك بأقرب شئ إليك وهو نفسك وذاتك وشخصيتك ، ألا تستحق أن تدافعي عن كرامتها وتحميها من أقرب الناس لكِ ؟ إذن .. يجب أن تستحوذ عليكِ فكرة حماية كرامتك وشخصيتك من أي شخص - مهما كان - والذي لم يستطع أن يحمي كرامتك أو يحافظ عليها ، لأن الذي يحب بصدق يحمي من يحبه عاطفيا ومعنويا وماديا ، وهناك مثل شعبي يقول : من رادك ريِدُه - ومن طلب بعادك زِيدُه ، وهكذا تدركين أن من تركك لم يعرف قمتك وان يقدرها حق قدرها ، وبالتالي فهو لا يستحق منك سوى أن تلقيه بعيدا عن حياتك وانتِ الرابحة ، .. وبعد ذلك ، أيقظي غرورك ، فكل فتاة وإمراة في حاجة إلى قليل من الغرور تستخدمه كدرع يحميها من المتطفلين ، عندما تصلين إلى تلك المرحلة من التقييم والمعالجة الذاتية ، ستجدي ان حياتك بدأت تنساب تدريجيا بعيدا عن فلكه ومداره وبدأت شخصيتك وكرامتك وثقتك بنفسك تأخذ مدارا جديدا مستقلا ، وإن ظهر شخص آخر يعرف قدرك وقيمتك الحقيقية ، فبما اكتسبته من قوة جديدة سيكون هو مدارك ولن تكونِ انتِ في مداره ، وستكون لكِ القيادة وسيكون قلبكِ قد صار قويا وضد التحطم ، ولن تكوني عبدة لأحد (إلا لله سبحانه وتعالى) ولن تبكي بعد الآن.
أما عن الجمال ، فإنني أؤمن تماما بأنه لا توجد أنثى غير جميلة أو دميمة مهما كان شكلها في رأي العامة ، فكل أنثى .. هي انثى بالفعل ، لها جمالها الخاص ، ولها جاذبيتها وانوثتها الخاصة ، وفي جمالها سر لا يملك مفتاحه إلا من يستطيع الدخول إليها ، والأمثلة كثير ،فعليكِ الان - وبدون استخدام أية مساحيق او وسائل تجميل - الوقوف أمام المرآة وانظري لنفسكِ بعين جديدة ونظرة جديدة متفحصة ، وستجدي لديك علامات ومواطن جمال لم تكتشفيها من قبل ، وسترين كم انتِ جميلة ، وأن الله سبحانه وتعالى أعطاكِ كنوزا لم تريها من قبل ، وحرم منها أخريات ، ربما يكون لديك عينان جميلتان تستطيعين أن ترى بيهما النور بينما حرم منها أخرى ، أو لديك كذا وكذا وكذا ، أجمل واكمل من اخريات ... فلتثقي في جمالك وانوثتك ، والحمد لله على كل شئ .

الاثنين، 5 أغسطس 2019

أشعر بأنني وحيد وأحتاج إلى صديق

لم ألتق باحد إلا وسألته : هل لديك صديق مقرب فعلا يشلركك همومك قبل أفراحك ، ويسارع إلى مساندتك عندما تحتاجه ؟ فيفكر مليا ويسترجع في ذهنه قائمة أصدقائه المقربين ، ويراجع موقف كل منهم معه .. ثم يرفع رأسه بتثاقل حزين ويقول : لا.
إن ما لاحظته في العلاقات هو أن هناك ما يجمع الأصدقاء معا ، سبب ما أو ظروف مشتركة ، مثلا : الفراغ .. فكل منهما لديه فراغ ومساحة كبيرة من الوقت ضائعة ، فيتشاركان معا في كيفية قضائها واستغلالها وغالبا ما تكون في أشياء تافهة ، كالسير بلا هدف أو الجلوس على مقهى وممارسة الألعاب ، أو الاستمتاع معا في ممارسات تذهب العقل وتضنع عالما وهميا من السعادة يعيشان فيه معا ، وإن طال بهم الأمد ، فإما أن يجد واحد منهم طريقا جديدا يشغله ويأخذ كل وقته ، فيشعر الطرف الآخر بالحزن وربما بالغيرة والحسد ، حتى وإن كان مقربا منه ، أو أن يجد الملل طريقه إلى تلك العلاقة .
أصبحت العلاقات هشة ومزيفة ، وإن كان كل واحد يقنع نفسه بأنها علاقة حميمة ، وأن فلان هو أكثر من أخ ، أو أن فلانة هي الوحيدة التي تفهمني ومعي في كل ظروفي ، وتتكشف الحقيقة آجلا او عاجلا لتثبت بأنها كانت علاقة هشة تنهار عند أول اختلاف رأي أو عند مواجهة أزمة ، ومن الممكن أن تنهار تلك العلاقة لسبب تافه .
وعندما ينفرد الشخص بنفسه - فتى أو فتاة ، رجل او سيدة - بغض النظر عن الأعمار والثقافات ، ويسأل نفسه : هل هو بالفعل يشعر بانه بمفرده في الحياة ؟ .. فلا أحد يفهمه حتى من يظن أنه صديقه المقرب ، وأنه أصبح يعيش في عالم خاص به وحده ، فتجد أغلبهم قد أصم أذنيه بسماعات الأذن المتصل بجهاز بث الموسيقى والأغاني أو الموبايل وغيرها من الأجهزة ، وأغلق عينيه بشاشات الموبايل والكمبيوتر والتابلت ، وأصبح عالمه وعلاقاته وصداقاته وأحلامه من خلال عالم افتراضي خيالي يجذبه ليلا ونهارا ، على تبك الشاشات ، فأضبح يقيم علاقات عاطفية وصداقات على صفحات مواقع التواصل ، وأضبح أصدقائه ومعارفه وعالمه هو كل من يستطيع إضافته إلى قائمته ، ويرتبط بهذا ويترك هذا ، وإن حاولت أن تخرجه من هذا العالم وتقنعه بأن هناك عالم حقيقي ينبض بالحياة ، تجده يرفض ذلك بشدة أو لا يستطيع الخلاص من هذا الإدمان الذي يتحول إلى حالة مرضية ، لأنه مل يجد من يستمع إليه بصدق وحب وإخلاص واقعي إلا ما يجده في هذا العالم الخيالي ، الذي يشاركه فيه كل من قتلت أحلامه وأصطدمت آماله بواقع قاسي. حتى أقرب الناس إليه سواء الأب أو الأم أو الإخوة أو الابناء ، أصبح كل منهم يبحث عن صديق .
وهنا .. أفتح هذه الصفحات (في هذا العالم الخيالي) لأستمع إليك كصديق وأهتم بك وبأحلامك ، لأنقلك بعدها إلى العالم الواقعي ، بعد أن أفكر معك (مهما كان عمرك أو ثقافتك أو جنسك) لحل جميع مشاكلك ، أو أن نجد الطريق المؤدي إلى حل تلك المشاكل ، وسأستمع إليك بكل تركيز ، ومعي كل من يدخل إلى هذه الصفحة لنتشارك معا في حل مشاكلنا معا ، والمشاكل الخاصة جدا التي لا يمكن نشرها على الملأ ، سأتقبلها على الخاص ، ليكون معك الصديق الذي تأمل في ان تجده ويكون معك ولك دائما.

كن قويا .. ولا تمض في حياتك بدون درع وسيف

لو تأملت في الحياة وكيف تمضي بنا وبتركيز ، ستجد أن نسير في حياتنا على حافة الخطر ، والكوارث تحيط بنا دائما كقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في ...